السبت، 25 أكتوبر 2014

انتهى العمر !





انتهى العمر !





خالد رُوشه





نعم , لعل جملة العنوان مبهمة , لكنها تكاد أن تكون حقيقة واقعة عن قريب لكل منا , فإن الايام تتتابع تتابعا , وتتلاحق خلف بعضها بعضا مسرعة هائجة , وكأن سني العمر تسابق بعضها لترحل إلى ربها .




إن العمر قد انتهى أو أنه يوشك على النهاية , فما العمر إلا مجموعة ايام منعقدة معا كأنها عقد مربوط , ما يلبث أن تنفك حباته وتنفرط روابطه فيذهب كله .





" إنما أنت ايام فإذا ذهب يومك ذهب بعضك " , تلكم كانت مقولة السلف الصالحين في وصف العمر .




" مالي ودنياكم , ماأنا والدنيا إلا كراكب استظل في ظل شجرة ثم ذهب وتركها " ابن ماجه , وتلكم كان وصف الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم في العمر والدنيا.





عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا تَقومُ السَّاعةُ حتَّى يتَقاربَ الزَّمانُ ؛ فتكونُ السَّنةُ كالشَّهرِ ، والشَّهرُ كالجُمُعةِ ، وتكون الجُمُعةُ كاليومِ ، ويكون اليومُ كالسَّاعةِ ، وتكون السَّاعةُ كالضَّرمَةِ بالنَّارِ) أخرجه أحمد والترمذي , قال تعالى : ﴿وَيَومَ يَحشُرُهُم كَأَن لَم يَلبَثوا إِلّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ يَتَعارَفونَ بَينَهُم قَد خَسِرَ الَّذينَ كَذَّبوا بِلِقاءِ اللَّـهِ وَما كانوا مُهتَدينَ ﴿ ٤٥ ﴾ (سورة يونس).





إن قوما فرحوا بأعمارهم , وغفلوا عن كونها توشك على النهاية , فتصارعوا على الحياة , فضروا وأضروا , وآذوا وأوذوا , وظلموا وتجبروا , وعصوا وتعدوا حدود الله سبحانه , راكنين إلى فرحة مؤقتة وسعادة راحلة , ونعيم زائل , وسلطان منته غير قائم , ونسوا ما ينتظرهم من الحق , نسوا الموت القادم القريب , ونسوا الحساب الشديد , ونسوا القدوم على الملك الجبار , عرايا فرادى , ضعفاء كسراء أذلاء , عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يَتبَعُ الميِّتَ ثلاثَةٌ ؛ فَيرجِعُ اثنانِ وَيَبقَى مَعَهُ واحدٌ ، يَتْبعُهُ أَهْلُهُ وُمالُهُ وَعَمَلُهُ ، فَيرجِعُ أهلُهُ ومالُهُ ، ويَبقَى عَمَلُهُ) متفق عليه





وكان أبو الدرداء رضي الله عنه يقول : "ابنَ آدمَ إنَّكَ لم تَزَلْ في هَدْمِ عُمُركَ مُنذ يومِ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ" الزهد لابن أبي الدنيا.





إن الذي يعيش غير غافل عن النهاية يعيش متحسبا لها , مهتما لداره الأخرى التي سينتقل إليها قريبا , فيعمرها بما يحب , فيأخذ من حياته ما يعينه على سفره الطويل .





ويقول ميمون بن مهران : «لا يكونُ الرَّجُلُ تَقِيًّا حتَّى يحاسِبَ نفسَهُ محاسَبَةَ شَريكِهِ ، وحتَّى يَعْلَمَ مِن أَينَ مَلْبَسُهُ ومَطْعَمُهُ ومَشْرَبُهُ» الزهد لوكيع.





قال الماوردي : «أن يتَصفَّحَ الإنسانُ في لَيلِهِ ما صَدَرَ من أفعالِ نَهارِهِ ، فإن كان محموداً أمضاهُ وأَتبَعَهُ بما شَاكَلَهُ وضَاهاهُ ، وإن كان مَذْمُوماً استدْرَكَهُ وانتَهَى عَن عَمَلِ مِثلِهِ» أدب الدنيا والدين.





قال مالك بن دينار : " رَحِمَ اللهُ عَبداً قالَ لنفسِهِ كلَّ ليلةٍ : أَلستِ صاحبةَ كَذا ؟! ألستِ صاحِبةَ كذا ؟! ثُمَّ ذَمَّها ، ثُمَّ خَطَمَها ، ثُمَّ أَلْزَمَها كِتابَ الله وَكانَ لها قائِدا ً" محاسبة النفس لابن أبي الدنيا.












انتهى العمر !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق